المسؤولية المدنية عن أضرار أنظمة الذکاء الاصطناعي (دراسة تحليلية مقارنة)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس القانون المدني- کلية الحقوق- جامعة عين شمس

المستخلص

ظهرت البذرةُ الأولى للذکاء الاصطناعي في العام 1950، على يد عالم الرياضيات البريطاني "آلانتورينج Alan Turing"، عندما قدم اختبارًا عمليًا، أُطلق عليه "اختبار تورينج Turing Test"، والذي من خلاله أثبت أن الآلة من الممکن أن تقوم بمحاکاة الاستجابات البشرية في ظل ظروف محددة، حيث أثبت من خلاله قدرةَ الکمبيوتر على إظهار سلوک ذکي مشابه لسلوک الإنسان البشري.
وعلى مر السنين، تطورت أنظمةُ الذکاءِ الاصطناعي إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن، إذ أفرز الذکاءُ الاصطناعي العديدَ من التطبيقات المادية، التي تعمل من خلال أنظمته، بحيث تکون لها القدرة على التعلم الذاتي من المواقف التي تتعرض لها، وأن تتصرف بحرية واستقلالية، بحسب الظروف والملابسات المحيطة بها، وأبرز مثال حي على تلک التطبيقات المادية: الروبوتات، والسيارات ذاتية القيادة، والطائرات المُسيرة ذاتيًا.
والحق أنه کانت لتلک التطبيقات المادية التي تعمل من خلال أنظمة الذکاء الاصطناعي العديد من الفوائد؛ إذ تم إدخالها في العديد من مجالات الحياة، کالمجال الاقتصادي، والمجال الطبي، والمجال العسکري، بل وقد أبلت بلاءً حسنا في القيام بالمهام المطلوبة منها.
غير أن أنظمة الذکاء الاصطناعي لم تکتفِ بوجهها الحسن المفيد للبشرية، فأظهرت وجهَهَا الآخر الضار بالإنسان البشري والأموال؛ إذ تسببت في إصابة البشر بأضرار جسدية عديدة، کما تسببت في الإضرار بالممتلکات.
ومن هنا جاء البحثُ في المسؤوليةِ المدنية عن الأضرار التي يُمکن أن تسببها أنظمة الذکاء الاصطناعي، وتحديدًا فيما يتعلق بأساس تلک المسؤولية، وطرق دفعها، وقد کان لزامًا بداءة التعرض إلى الطبيعة القانونية لتلک الأنظمة.
وقد انتهيت في هذه الدراسة إلى اعتبار أنظمة الذکاء الاصطناعي– في الوقت الحالي- بمثابة الشيء– المنقول، نظرًا لصعوبة اعتبارها من قبيل الأشخاص– الطبيعيين أو حتى الاعتباريين، مع فتح الباب مستقبلا لإمکانية الاعتراف بشخصية قانونية إلکترونية أو رقمية جديدة لتلک الأنظمة، تختلف بذاتها عن الشخصية القانونية الممنوحة للشخص الاعتباري.
کما انتهيت کذلک إلى أفضلية تأسيس المسؤولية المدنية عن الأضرار التي تسببها أنظمة الذکاء الاصطناعي للغير على قواعد المسؤولية الموضوعية، المجردة من الخطأ أو حتى العيب، نتيجة صعوبة الاعتماد على نظريتيّْ: المسؤولية عن الأشياء، والمسؤولية عن المنتجات المعيبة، کأساس لتلک المسؤولية المدنية.

الكلمات الرئيسية