التعويض عن فقد الحياة دراسة مقارنة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

دکتوراه القانون الخاص- کلية الحقوق- جامعة أسيوط

المستخلص

وظيفة التعويض هي إصلاح الضرر، ولکي يحقق التعويض وظيفته تلک، لا بد أن يکون عادلاً يغطى کل عناصر الضرر، وأن يکون سريعاً، بالإضافة إلى وجود ذمة مالية قادرة على الوفاء به. والمقصود بالتعويض هو تصحيح التوازن الذي أخل وأهدر نتيجة وقوع الضرر وإعادته إلى ما کان عليه، ولما کانت الحياة هي حق من الحقوق المقدسة التي کرم الله بها الإنسان في الدنيا، ولا يقبل هذا الحق التنازل أو التخلي عنه، ولذلک يعتبر الجسم من أهم عناصر الحياة الإنسانية تقديساً، ويعد المساس به انتهاکاً لحرمة أو معصومية الکيان الجسدي للإنسان، فالإنسان وحدة واحدة وکيان مستقل مهما تعددت عناصره، من عقل وروح وجسد، فأي مساس بکيانه يؤدى إلى الموت يستوجب التعويض. وحيث تنص المادة 221 على أنه:-
(إذا لم يکن التعويض مقدراً في العقد أو بنص القانون فالقاضي هو الذي يقدره)
ونظرا لأن المشرع أعطي للقاضي السلطة التقديرية في تقدير التعويض، فالملاحظ تدنى قيمة التعويض القضائي عن فقد الحياة، علاوة على تأخير الحصول على مبلغ التعويض– والذي لا يتناسب مع قيمة الضرر في مثل هذه الحالات- نظراً لبطء إجراءات التقاضي. ومن هنا يبرز دور الدولة في حماية المضرورين، وتحقيق العدالة الاجتماعية داخل المجتمع، وإعادة التوازن إلى العلاقات الاجتماعية بعد اهتزازها بوقوع الضرر، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار عدم مسايرة تلک النصوص التشريعية والمبادئ القانونية– فى الوقت الراهن– للتطور والتبدل المستمرين فى کل جوانب حياتنا الإجتماعية والإقتصادية والقانونية، وفى ظل التطورات والتقلبات الإقتصادية التى ترتب عليها الإنخفاض المستمر فى القوة الشرائية للنقود- لاسيما وأن تنظيم الإلتزامات وتصنيفها، قد وُضع فى فترة کانت القيمة الإسمية للنقود تتعادل مع القيمة الفعلية والحقيقية لها.
لذا أثرنا البحث عن تناسب التعويض مع فداحة ضرر فقد الحياة، الأمر الذى يستوجب معه تدخل المشرع بشکل عاجل، وإعادة النظر بتلک النصوص التشريعية والمبادئ القانونية المنظمة للتعويض- والتى وضعت منذ عام 1948م، ومازالت باقية على حالتها حتى الآن- من خلال إلغائها أو تطويرها وتحديثها، بما يتلاءم ويتواکب مع هذا التطور المذهل والتحولات التي فرضتها التقلبات الاقتصادية الرهيبة التي تجتاح العالم لتحقيق العدالة. ومسألة تحديث القوانين بما يناسب مستجدات العصر، ويتلازم مع الظروف الواقعية الجديدة، لهو تعبير عن تقدم الدولة وعصريتها.