مدى مراعاة الطبع البشري في التشريع الإسلامي دراسة أصولية تحليلية تطبيقية في ضوء نصوص القرآن والسنة واجتهادات الفقهاء

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ الشريعة الإسلامية المساعد بكلية الحقوق جامعة بنها

المستخلص

 معلوم أن للمكلف بوصفه إنساناً طباعاً بشرية، أي أوصافاً فُطِر عليها في أصل الخلقة، يتعلق بعضها بكيانه المادي، كالحاجة إلى الطعام والشراب والشهوة، ونحوها، ويتعلق بعضها الآخر بكيانه النفسي أو الروحي، كالميل إلى المحبوبات والاحتراز عن المكروهات والآلام، والعجلة، والنزوع إلى الغضب والحزن والخوف عند طروء أسبابها.
 ويهدف البحث إلى بيان كون تلك الأوصاف الفطرية معتبرة في أصول الشريعة وقواعدها، بل نصوصها وأحكامها الجزئية، إذ قررت الشريعة فطـرة الإنسان على تلك الأوصاف لحكمة مقصودة شرعاً، تتلخص إجمالاً في حفظ حياته، وبقاء نوعه، وصلاحيته لحمل أمانة التكليف.
 وإعمالاً لمعقولية التشريع وعدالته لم يُكَلّفْ الإنسان بخصوص طبع منها بذاته، ممدوحاً كان أو مذموماً؛ لكونه خارجاً عن اختياره وكسبه ومقدوره، وإنما يكلف بتوابع الطبع البشري ونتائجه من أسباب وآثار داخلة تحت كسبه واختياره، على وجه يتم به إشباع الفطرة على التوسط والاعتدال وفق الحدود المرسومة شرعاً.
 بل اعتبرت الشريعة– في أحوال بعينها– بعض الطباع البشرية عذراً يسقط المؤاخذة عن أفعال الإنسان في الأخرة على نحو ما فصله العلماء، كما اعتبرت بعضها عذراً يبيح الأخذ بالرخص الشرعية استثناءً على خلاف الأحكام العامة.
 ومن جهة أخرى عمدت الشريعة إلى استثمار سلطان الفطرة والطبع على الإنسان في الاستغناء به دافعاً للفعل أو وازعاً عنه في الأحكام التي يكون فيه أثر وازع الطبع مثل وازع الشرع، بل أقوى.
 ثم تنزلت الأحكام التفصيلية على مراعاة تلك الأوصاف الجبلية، وقد ظهرت تلك المعاني واضحة جلية في اجتهادات الفقهاء في شتى أبواب الفقه الإسلامي، بما يؤكد موافقة الفروع الفقهية لأصول الشريعة وقواعدها، ويدلل على كون الفقه الإسلامي فقهاً واقعياً يدرك حاجات الإنسان ودوافعه الفطرية، معتبراً إياها في أحكامه، هادفاً إلى تنظيمها بضوابط الشرع، بما يسمو بغرائز الإنسان، ويرتقي بنفسه عن السفاسف إلى معالي الأمور، ليكون جديراً بالسعادة الدنيوية والفوز بالكرمات الأخروية.