التكريس الدستوري لمبدأ الحياد الديني للدولة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ القانون العام المساعد كلية الحقوق-جامعة القاهرة

المستخلص

على الرغم من أن دور الدين- في الغالب- انحسر نسبيا إلا أنه يجب على الدولة ألا تتجاهله بوصفه سمة مركزية للمجتمعات البشريَّة فالدولة يجب أن تكون  حياديَّة تجاه الدين.
فيما يتعلق بمبدأ الحياد الديني للدولة فقد كان حاضرًا في النظم السياسيَّة والدستوريَّة منذ القدم وقد تطور في الأربعين سنة الماضية لذا فالمبدأ كان موجودا  في المسيحيَّة  وكذلك عند تأسيس الدولة الإسلاميَّة كما ارتبط  بنظريَّة العقد الاجتماعي حيث ينظم علاقات القانون العام ويُعد من المبادئ الدستورية للدولة، ويقع على تخوم العلاقة بين حريات الفكر، والرأي والعقيدة، والدِّين وممارسة الشعائر الدِّينيَّة والمواطنة، وكذلك على تخوم العلاقة بين القانون الدستوري والنظم السياسيَّة.
تطرق البحث إلى أن المبدأ صعب التطبيق، ويثير العديد من الإشكالات حتى في أعتى الديمقراطيات والنظم الدستورية، نظراً لأن القوانين تستند عادةً إلى قيم الأغلبية الموجودة في الدولة إلا إن تطبيقه يساهم في تحقيق المساواة بين مختلف الطوائف الدينية،  ويوجب على الدولة ألا تستخدم ما تملكه من امتيازات أو قدرات خاصة بالتعليم من أجل نشر عقائد أو فلسفات معينة، أو للإضرار بمعتقدات ، كما تطرق البحث إلى أن من التطبيقات القضائيَّة والعمليَّة المهمة للمبدأ المساواة بين الطوائف الدينية، و مبدأ الحياد في الانتفاع بالمرافق العامة ومبدأ الحياد في مرفق التعليم والتعليم الديني وكذلك تطبيق مبدأ الحياد في الانتفاع بالمرافق العامة والتعليم الدِّيني، وفي إظهار الرموز الدِّينية والحجاب في أماكن العمل.
تعتمد المحددات العامَّة للمبدأ على أن يكون الحياد في التشريعات والسياسات العامة وألا تستخدم الدولة  التَّفضيلات الدينيَّة كأساس لتصنيف المواطنين مع الأخذ في الاعتبار أن توفر الدولة  الظروف المناسبة لممارسة المعتقدات الدينية المختلفة دون تدخل منها حيث  يتعين عليها أن تقف على مسافة واحدة من جميع المواطنين أغلبيَّة وأقليَّة ،ولا يتنافى مع  ذلك اعتناقها لدين معين، شريطة ألا يؤثر ذلك على باقي الأديان الأخرى  كما تعتمد هذه المحددات على  الوجود المستقل للطوائف وللجمعيات الدينيَّة باعتبارها أمرا لا غنى عنه لتحقيق التعدديَّة والاستيعاب التعددي كما تطرق البحث إلى أن العديد من المحاكم بلورت عدة تطبيقات  قضائيَّة ذات صلة كمثال اختبار  الموازنة لتحديد المعتقدات المؤهلة للحصول على وضعٍ دينيٍّ محميٍّ.
كما تعتمد أيضا المحددات العامَّة للمبدأ على التَّصميم الدستوري  للعلاقة بين الدولة والدِّين حيث تنتهج الدساتير أكثر من منهج بشأن مبدأ الحياد الدِّيني، فمنها ما ينتهج أسلوب الاعتراف بدون تكريس: ومنها ما ينتهج أسلوب الصمت البنّاء ومنها ما ينتهج أسلوب الحياد أو الاعتراف الجامع وتم تناول النماذج ذات الصلة بتطبيق مبدأ الحياد ومنها نموذج الدولة المحايدة دينيًّا ونموذج "الدولة متعددة الثقافات" أو "متعددة الطوائف" ونموذج "الكنيسة القائمة" ونموذج "الثيوقراطيَّة".
في الأخير اشتمل  الخير اشتمل البحث على العديد من التوصيات منها اقتراح  أن تكون الجهات ذات العلاقة  حاضرة  بالفكر والدراسة والحجة في دعوات مناقشة الموضوعات الدينية، أو عند إنشاء مؤسسات أو مراكز أو كيانات قد تخل بالنظام العام وأن تكون كذلك حاضرة في مناقشة ما يتعلق بتجديد الخطاب الديني يقترح على الجهات ذات العلاقة وضع تصور لإدارة التنوع الدِّيني.