تأثير جماعات الضغط من الكيانات السياسية على الحياة السياسية والفصل بين السلطات

تنبه الفقه الحديث إلى ضرورة إتباع منهج جديد في دراسة جماعات الضغط فلا يكفي الوقوف عند تحليل المؤسسات وإنما يتعين دراسة كيفية سير وتحرك السياسة أو بعبارة أخرى تبين للمتخصصين في العلوم السياسية أن الدراسة الوصفية للمؤسسات غير مجدية، لأنها شكلية أكثر مما يجب ولا تهتم بمجريات الأمور كما أنها بعيدة عن الواقع، فالواقع أن القرارات التي تتخذها السلطات السياسية هي نتاج العلاقة بين قوي الجماعات التي يهمها القرار.
وهذا الواقع جدير بالبحث وأولي بالعناية لمحاولة فهم ما يجري على المسرح السياسي وإذا كان هذا هو الهدف من الدراسات الحديثة فإنه يتعين الاهتمام بعملية اتخاذ القرار أكثر من الاهتمام بشكل وتركيب المؤسسات أي إعطاء الأولوية للجماعات التي تسير السلطة وتزعمها على اتخاذ القرارات وعدم الاقتصار على تحليل النصوص الدستورية التي تنظم سلطات الدولة.
ويعد هذا الفكر الجديد نتاج المدرسة السلوكية الأمريكية بما يتسم به هذا الفكر من الديناميكية والواقعية ويحلهما محل الجمود والشكلية اللذين يتسمان المنهج الوصفي الذي يقف عند مجرد دراسة تركيب السلطة وتحليل شكل وهيكل المؤسسات العامة والخاصة.
وتختلف جماعات الضغط عن الأحزاب السياسية فجماعات الضغط تكتفي بمجرد التأثير على السلطة من الخارج دون محاولة الوصول إليها أو ممارستها، أما الأحزاب فهدفها الرئيسي هو الوصول إلى كراسي الحكم وممارسة السلطة سواء نجحت في تحقيق هذا الهدف أم لا.
وتشمل جماعات الضغط هيئات عديدة ومتنوعة أهمها: النقابات المهنية والنقابات العمالية والجمعيات النسائية والهيئات المدافعة عن حرية التعليم أو والنوادي وقدامي المحاربين والجمعيات الفكرية ومنظمات الفلاحين والتجمعات الدينية وتنظيمات الشباب وجمعيات الأسر وحركات الرأي ومنظمات المجتمع المدني... الخ.