شرح مفهـوم الجنسية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

من الطبيعي أن يتطور مفهوم الجنسية في کل دول العالم، باعتبارها أداة تحديد رکن الشعب في الدولة، فمن خلالها يمکن تمييز الوطني عن الأجنبي داخل الإقليم الواحد، فمن يتمتع بجنسية هذا الإقليم يصير وطنيًا ومن لا يتمتع يکون أجنبيًا، وبالتالي فإن الجنسية کما سبق وأن أوضحنا في هذه الدراسة، لا تختلف أهميتها أو ضرورتها للإنسان عن الديانة والجنس، وهي توجد متى وجد الولاء والانتماء من جانب الفرد تجاه دولة ما، فالجنسية في معناها القانوني، هي رابطة قانونية ذات طابع سياسي تربط فرد بدولة معينة ويکون طرفي هذه الرابطة هو الولاء من جانب الفرد والحماية من جانب الدولة. وبناء على ما سبق دراسته يتأکد لنا أن الجنسية لا تکون إلا لدولة، فلا جنسية لمجتمع ولا لجماعة، کما يحدث هذه الأيام، فالجنسية هي الأداة القانونية لتحديد شعب الدولة، کذلک لا توجد علاقة بين الجنسية والعصبية، التي تعني الاقتتال بين الجماعات أو الدويلات من أجل التمکن من الاستيلاء على مزايا وممتلکات البعض لحساب البعض الآخر. وقد عرفت الجنسية في الإسلام، إلا أنها لم تؤسس فيه على أسس حق الدم أو حق الإقليم، وإنما ارتبطت بما يسمى حق الديانة، وهذا واضح من قوله تعالى [إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّکُمْ فَاعْبُدُونِ] ومن هذه الآية الکريمة نلاحظ أن مفهوم الجنسية في الإسلام قد اختلط بالدين، فنتج عنه جنسية واحدة ومشترکة لکل من اعتنق دين محمد صلوات الله وسلامه عليه، ومن ثم کانت الجنسية مرادفة للدين في الإسلام.  إلا أننا لا نميل إلى إتباع الرأي السابق، لأن الاعتقاد به والسير على أساسه يعني أن المسلمين هم فقط من سيکونوا وطنيين، أما أهل الديانات الأخرى الموجودين في الأقاليم الإسلامية، سوف يکونوا أجانب. الأمر الذي من شأنه أن يصطدم بمبدأ هام وجوهري من مبادئ الشريعة الإسلامية وهو مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات، فالمساواة في الإسلام لا تکون إلا بين أبناء الوطن الواحد سلمية ومن يحملوا ديانات أهل الکتب الأخرى کاليهودية والمسيحية، فالله جـل جلاله عندما أنزل أدم من السماء إلى الأرض، أراد عز وجل أن يفيض نسله حتى يشمل کل أنحاء الدنيا، مکونين شعوبًا ودولاً کانت الجنسية هي الوسيلة الوحيدة منذ القدم لتحديد شعب کل دولة، کما أنها تعد الأداة الوحيدة التي اتفقت عليها الإنسانية، لتوزيع السکان بين الدول وتحديد شعب کلاً منها، فإذا کانت الحدود الجغرافية هي أداة تحديد مساحة الدولة فإن الجنسية هي أداة تحديد الشعب الذي يشمل هذه المساحة.