أدَّت رغبةُ الدول في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إليها واتباع سياسة التحرير الاقتصادي وتحرير التجارة إلى أنَّ بعض الدول ومنها مصر قد أسرفت في إصدار التشريعات التي تمنح معاملة ضريبية متميزة لجذب تلك الاستثمارات، بالإضافة إلى الثغرات القانونية، وغموض الصياغة، فمهما بلغت مهارة المُشَرِّعِ في صياغة القوانين فلا مفر من وجود بعض الثغرات القانونية يمكن أن يستفاد منها الممولون في زيادة الوافر الضريبي؛ مِمَّا أسهم في زيادة الطلب على خدمات التخطيط الضريبي لتخفيف وعاء الضريبة بطرق مشروعة، قد لاتتفق مع روح القانون، وتكاد تقترب من التهرب الضريبي.
ونظرًا لما تنطوي عليه العملية الضريبية من تعارض مصالح بين مصلحة الدولة التي تهدُف إلى توسيع القاعدة الضريبية لتمويل الإنفاق الحكومي وتحقيق أهداف الدولة الاقتصادية والاجتماعية ومصلحة الممول الذي يهدف إلى تخفيض وعاء الضريبة إلى أقل حد ممكن بطرق مشروعة حتى لا يقع تحت طائلة القانون.
تَهْدُفُ هذه الدراسة إلى بحث كيفية التوفيق بين المصالح المتعارضة، وذلك بتوضيح مزايا التخطيط الضريبي ومخاطره بالنسبة لكل من الممول والدولة، وبيان المنطقة الرمادية التي تفصل بين ما هو مشروع وما هو غير مشروع. لتحقيق أهداف الدراسة قسمتُها على مبحثين، بالإضافة إلى مبحث تمهيدي:
تناول المبحث التمهيدي ماهية التخطيط الضريبي وخصائصه، وذلك بتوضيح المفاهيم الخاصة بالتخطيط الضريبي، وتميزه عن تجنب الضريبة والتهرب الضريبي.
ووضحتُ في المبحث الأول الفرق بين التخطيط الضريبي المشروع والتخطيط الضريبي التعسفي، وأساليب كل منهما.
ثُمَّ خصصتُ المبحث الثاني لدراسة استراتيجية مواجهة التخطيط الضريبي التعسفي في كل من التشريع الأمريكي والتشريع البريطاني والتشريع المصري؛ لتعظيم الاستفادة من تجارب الدول التي سبقت مصر في تنظيم التخطيط الضريبي ومواجهة التخطيط الضريبي التعسفي، ولمعرفة أوجه القصور في التشريع المصري ومعالجتها.